هرم المعرفة DIKW: عملية الارتقاء المعرفي

هرم المعرفة DIKW: عملية الارتقاء المعرفي

هرم المعرفة DIKW: عملية الارتقاء المعرفي

يمثل هرم DIKW العلاقات بين البيانات والمعلومات والمعرفة والحكمة. كل مستوى هو خطوة نحو مستوى أعلى؛ تأتي البيانات أولاً، ثم المعلومات، ثم المعرفة، وأخيراً تأتي الحكمة. تجيب كل خطوة على أسئلة مختلفة حول البيانات الأولية وتضيف قيمة إليها.

ومن المثير للاهتمام أن أول ذكر للهرم كان من قبل الشاعر ت. س. إليوت 1934، في قصيدته "الصخرة"، لكن دون تسميته بذلك، إذ قال:

 أين هي الحياة التي فقدناها في العيش؟ أين الحكمة التي فقدناها في المعرفة؟ أين هي المعرفة التي فقدناها في المعلومات؟

يشير هرم المعرفة على أننا كلما قمنا بإثراء بياناتنا بالمعنى والسياق، زادت المعرفة والأفكار التي نحصل عليها حتى نتمكن من اتخاذ قرارات أفضل ومستنيرة وقائمة على البيانات. وفيما يلي تعريفاً مبسطاً لكل مستوى من هذه المستويات:

 

 البيانات:

هي عبارة عن مجموعة من الحقائق والمدركات التي ندركها بحواسنا في شكل خام أو غير منظم، كما تعبر عن مجموعة الحقائق الموضوعية غير المترابطة عن الأحداث ولا تقدم أحكاماً أو تفسيرات أو قواعد للعمل.

البيانات هي حقائق غير مصقولة ضمن أشكال مختلفة قد تكون أرقاماً حروفاً أو كلمات أو إشارات. وهي بطبيعتها لا تفيد ضمن تكوينها الأولي إلا بعد إخضاعها لعمليات التحليل والتفسير وتحويلها لمعلومات.

إن Davenport & Prusak عرفا البيانات على أنها حقائق موضوعية منفصلة حول أحداث، وليس لها معنى ولا سياق وهي غير مستقرة، وهي على شكل أرقام، أو رموز، أو رسائل.

المعلومات:

هي نتاج معالجة البيانات بعد إخضاعها لمجموعة من العمليات والأنشطة مثل التحليل والتركيب لاستخلاص ما تتضمنه البيانات من مؤشرات وعلاقات ومقارنات وموازنات وعمليات حسابية. ويتم الإجابة على أسئلة، مثل: "من" و "ماذا" و "متى" و "أين" وما إلى ذلك.

هي البيانات التي تمّ جمعها، وتم إيجاد العلاقات فيما بينها بشكل يضيف لها قيمة ومعنى، وهي بيانات تمّ تفسيرها ومعالجتها بشكل يساعد على اتخاذ القرارات.

وتتم معالجة البيانات من خلال "تنظيفها" من الأخطاء ومعالجتها بطريقة تجعل من السهل قياسها وتصورها وتحليلها لغرض معين. عن طريق سلسلة من العمليات، مثل: تجميعها، والتأكد من صحتها، الكشف عن العلاقة بين نقاط البيانات المختلفة والتي تبدو متباينة وغير متصلة.

المعرفة:

عندما لا ننظر إلى المعلومات على أنها وصف للحقائق التي تم جمعها فحسب، بل نفهم أيضًا كيفية تطبيقها لتحقيق أهدافنا، فإننا نحولها إلى معرفة، عندما نكتشف العلاقات التي لم يتم ذكرها صراحة كمعلومات، نحصل على رؤى أعمق تساعدنا على اتخاذ قرارات استباقية.

في المعرفة نجيب على أسئلة مثل: كيف “المعلومات المستمدة من البيانات المجمعة ذات صلة بأهدافنا؟ "كيف" يتم ربط أجزاء هذه المعلومات بقطع أخرى لإضافة المزيد من المعنى والقيمة؟ وربما الأهم من ذلك، "كيف" يمكننا تطبيق المعلومات لتحقيق هدفنا؟

هي عبارة عن معلومات ملخّصة، موجّهه، منظّمة، وخبرات ومهارات وإحساس الشخص، وهي عبارة عن ذلك المزيج من الخبرات والتجارب المؤطرة، التي تفيد في التقييم والعمل ونقل التجارب للآخرين.

الحكمة:

هي المعرفة المطبقة في العمل. وتعكس درجة العمق والنضوج الفكري الذي ينقل مالكها نحو منزلة الحكماء تعبر الحكمة عن قناعة راسخة واستخلاص للعاقبة بعد استشراف للمستقبل ومعرفة للمقاصد، تجيب الحكمة على أسئلة مثل: "لماذا نفعل شيئًا؟" و "ما هو الأفضل؟"

ومهما اتسعت المعرفة تظل أحد مكونات الحكمة. فالعالم يقوم بتفكيك المعرفة تمهيدا لاستيعابها أما الحكيم فيقوم بتركيب المعرفة لبناء وتشكيل المفاهيم العامة في سبيل الوصول إلى رؤية شاملة تندمج فيها معطيات الماضي والحاضر والمستقبل.

الحقيقة:

رغم الاختلاف على المرتبة التالية للحكمة، فإن غاية التقدم في الهرم هي الوصول إلى الحقيقة. كل شيء نسبي ويمكن للمرء أن يحصل عليه الفهم الجزئي للعلاقات التي تمثل المعلومات، والفهم الجزئي للأنماط التي تمثل المعرفة والفهم الجزئي للمبادئ أساس الحكمة والحقيقة المتمثلة في كل هذا.

ولكن الواقع مختلف، والمعرفة أكثر بكثير من مجرد مرحلة تالية من المعلومات. فإدارة البيانات هذه الأيام أكثر تعقيدًا بكثير مع انتشار مصادر البيانات وأنواعها.

أحد الانتقادات الرئيسية للنموذج هو أنه تسلسل هرمي ويفتقد العديد من الجوانب الحاسمة للمعرفة وواقع البيانات والمعلومات الجديدة في عصر البيانات الضخمة، التي يعتبرها البعض تقليل من قيمة البيانات بوضعها في الأسفل.

فعلى نطاق المنظمات، فإن إحدى الطرق السهلة والسريعة للمؤسسات لاتخاذ الخطوات من البيانات إلى المعلومات إلى المعرفة والحكمة هي استخدام البيانات بشكل فعال، حيث يمكن للمؤسسات تسلق جبل الحكمة واكتساب ميزة تنافسية من خلال دعم قرارات أعمالهم من خلال التحليلات القائمة على البيانات.

ومع الاعتماد على البيانات الضخمة، ستبرز الحاجة أكثر إلى أنظمة مثل: أنظمة البصيرة وتحليلات البيانات الضخمة، التي ستساعد وبشكل فعال على اشتقاق قيمة من البيانات وتحويلها إلى إجراءات عمل عبر اتخاذ القرارات اللازمة.

 خصائص المعرفة

بالتأكيد لا توجد خصائص ثابتة للمعرفة في كل مكان وزمان، والرأي هنا هو أن للمعرفة خصائص تكوينية مشتركة لكن مضمون المعرفة ومنظورها يختلف باختلاف السياق الاجتماعي والاقتصادي والفكري والثقافي الذي توجد فيه أو تُنتَج من خلاله ومع ذلك توجد ملامح مميزة للمعرفة بإطلاقها وبغض النظر عن طبيعتها ومضمونها.

ويشير كل من Housel & Bell إلى الخصائص الأساسية التالية للمعرفة:

  • المعرفة متجذرة في الأفراد: ليست كل المعارف الموجودة في الشركة صريحة، فالكثير منها ضمني يحتفظ بها بشكل خلاق في رؤوس الأفراد، فهناك معرفة فطرية متجذرة نحن مزودون بها كإمكاناتٍ ذهنية قابلة للتحول إلى معرفة صريحة.
  • يمكن للمعرفة أن تولّد: إن بعض الشركات لديها خصوبة ذهنية مما يجعلها قادرة على توليد المعرفة الجديدة، وهذا ما يمثله الأفراد المبتكرون الذين يتم التعويل عليهم في عملية استدامة الابتكار وتوليد المعرفة.
  • إن المعرفة يمكن أن تموت: كما تولد المعرفة فإنها تموت أيضاً، فالقليل منها الذي يتكون من خلال التجارب يُسجل في الدوريات، الكتب......الخ، ولكن الغالبية العظمى منها تموت، ولموت المعرفة خصوصية، فبعض المعارف تموت بموت الشخص والأخرى تموت بإحلال معارف جديدة، لتموت القديمة وتتقاعد عن الاستخدام.
  • المعرفة يمكن أن تمتلك: نظراً لارتفاع قيمتها فإن أغلب الشركات تمارس دوراً في تحويل معرفتها إلى براءات اختراع أو أسراراً تجارية تتمتع بالحماية القانونية شأنها شأن الملكية المادية.
  • المعرفة يمكن أن تخزن: إن ما تم تخزينه خلال الـ20 سنة الماضية هو أكثر مما استطاعت البشرية تخزينه خلال تاريخها، ويتم الخزن على الورق والأشرطة ووسائل الخزن الالكترونية.
  • المعرفة يمكن أن تصنف: حيث يكون إلى جانب المعرفة الضمنية والمعرفة الظاهرة تصنيفات أخرى للمعرفة، مثل معرفة العملية ومعرفة المهارة، والمعرفة المتعلقة بالحدس والرؤية والعلاقات المستخدمة في العمل.

"إذاً المعرفة هي عبارة عن ذلك المزيج من الخبرة، والتعلم التراكمي والمعلومات المنظّمة، والتي تم تحليلها لتصبح مفهومة وقابلة للتطبيق في موقف قراري محدد."  

أنواع المعرفة Knowledge Models:

شهدت المعرفة الكثير من الجدل والاختلاف، فالمعرفة ليست نوعاً واحداً متجانساً ونمطياً، والمنظمة عندما تقدم سلعتها أو خدمتها فهي لا تقدم إلا جزءاً من معرفتها القابلة للتحديد وسهلة التقليد، ليبقى الجزء المشكّل لميزتها التنافسية في رؤوس أفرادها وفي علاقاتهم وانسجام العمل فيما بينهم، وهو الجزء الذي لا يمكن نقله، ولا التدريب عليه، وأشهر نموذج لذلك هو ما قدمه Nonaka ووفق هذا النموذج تصنف المعرفة إلى ما يلي:

  • المعرفة الصريحة Explicit Knowledge:

هي تلك المعرفة التي من السهل شرحها وتوثيقها، واقتسامها، وتخزينها في الوثائق والمكتبات، وقواعد البيانات، وهي المعرفة الرسمية، القياسية، الموجودة على شكل رموز، والمعبّر عنها كمياً، والقابلة للنقل والتعليم والتعلم، والتي تتمثل في الملكية الفكرية المحمية قانوناً ببراءات الاختراع، وحقوق النشر، والأسرار التجارية، والتصميمات الصناعية، كما يمكن أن نجدها مجسّدة في منتجات الشركة وخدماتها، وفي إجراءات عملها، وخططها ومصفوفات تقييم أعمالها.

  • المعرفة الضمنية Tacit Knowledge:

تتجسد هذه المعرفة من خلال عبارة )نعرف أكثر مما نستطيع أن نقول( فهي المعرفة غير الرسمية، والذاتية، والمعبّر عنها بالطرق النوعية والحدسية، وهي غير قابلة للنقل والتعليم، وتوجد بقوة في عمل الأفراد والِفرق داخل الشركة، وهي تلك التي يصعب توثيقها وشرحها ونقلها للآخرين، وقد شرحها Nonaka بأنها تتضمن عمليات ذهنية ونماذج عقلية وتتطلب عناصر ووسائل مختلفة لنقلها وفهمها من قبل الآخرين.

ويمكن أن نورد تصنيفاً أخر للمعرفة وهو التصنيف الذي يتدرج من المعرفة الإجرائية وصولاً إلى معرفة الأغراض، ووفق هذا التصنيف تأخذ المعرفة أشكالاً مختلفة وهي كما يلي:

  • المعرفة الإجرائية Know-How: وهي المعرفة العملية التي تتعلق بمعرفة كيفية عمل الأشياء، وهي تشبه المعرفة الشائعة، وتتضمن المهارات الخاصة بإجراء نشاط عقلي محدد.
  • المعرفة الإدراكية أو معرفة ماذا Know-What: وهي تذهب إلى ما بعد المهارات الأساسية وتحقيق الخبرة الأعلى إلى معرفة الموضوع ونطاق المشكلة المراد دراستها.
  • المعرفة السببية أو معرفة لماذا Know-Why: وهي التي تتطلب فهماً أعمق للعلاقات البينية، عبر مجالات المعرفة، وفق منظور النظم الذي نعتمد عليه في اتخاذ القرارات.
  • معرفة الأغراض أو الاهتمام بلماذا Care-Why: وهي تتطلب مجموعة سياقية اجتماعية توجه بشكل مباشر أو خفي في المدى القريب أو البعيد الخيارات الإستراتيجية ومبادلات التكلفة والعائد.

ويقدم M.H.Zack تصنيفاً آخر للمعرفة، إذ يصنفها إلى ثلاثة مستويات مختلفة هي:

  • المعرفة الجوهرية: وهي النوع الذي يكون مطلوباً من أجل تشغيل الصناعة وفق معايير اقتصادية، وهذا النوع من المعرفة لا يؤمن للمؤسسة قابلية البقاء والمنافسة طويلة الأمد، رغم أن هذه المعرفة تمثل المعرفة الأساسية الخاصة بالصناعة لتقوم بدورها.
  • المعرفة المتقدمة: وهي النوع الذي يجعل الشركة تتمتع بقابلية البقاء والمنافسة، فمع أن الشركة تمتلك نفس المستوى من المعرفة التي يمتلكها المنافسون، إلا أنها تختلف عن المنافسين في تعويلها على قدرتها على التميز في معرفتها لكسب ميزة تنافسية من هذا التميز، وهذا يعني أن الشركة ذات المعرفة المتقدمة تسعى لتحقيق مركز تنافسي في السوق أو التميز في شريحة معينة.
  • المعرفة الابتكارية: وهي التي تمكّن الشركة من أن تقود صناعتها ومنافسيها، وتميّز نفسها بشكل كبير عن منافسيها، فهذا النوع من المعرفة يتوقف على الابتكار لما هو جديد في المعرفة، حتى تكون مصدر قوة، بطريقة تسمح للشركة بتغيير قواعد العمل والمنافسة في مجال صناعتها.
  • وهناك تصنيف أخر قدمه Blumentritt &Johnston وصنفت وفقه إلى أربعة أنواع وهي:
  • المعرفة المرمزة Codified Knowledge: وهي المعرفة التي أُفرزت بشكل علني من قبل البشر، وإن طريقة جعلها علنية تتم عبر التدوين، وهي المعرفة القابلة للنقل والتداول.
  • المعرفة العامة Common Knowledge: وهي المعرفة المقبولة بوصفها قياسية وبدون جعلها علنية رسمياً، وعلى شكل روتينيات يمكن تعلمها من خلال العمل وفق سياقات خاصة.
  • المعرفة الاجتماعية Social Knowledge: وهي المعرفة المتعلقة بالقضايا "البينشخصية" والقضايا الثقافية.
  • المعرفة المجسدة Embodied Knowledge: وهي عبارة عن الخبرات والخلفية العلمية والمهارة، التي تراكمت لدى الشخص خلال حياته، وهي ترتبط بالشخص نفسه.