قانون باركنسون لزيادة الانتاجية Parkinson’s Law
ما هو قانون باركنسون Parkinson’s Law
د. عبد الرحمن الجاموس
قام بتطوير هذا القانون السيد نورثكوت باركنسون، وهو مؤرخ بريطاني، في 1957م في كتابه: قانون باركنسون ودراسات إدارية أخرى. وطبق هذا القانون على الأعمال الإدارية في الأجهزة والمصالح الحكومية وهو يدعو إلى عدم تخصيص وقت أطول لتنفيذ عمل ما .
في عام 1955، نشر الباحث البريطاني "نورثكوت باركنسون" مقالاً في مجلة ذي إيكونوميست The Economist ووردت فيه العبارة التالية: "إن العمل يمتد ليملأ الوقت المتاح لإنهائه"، فنالت إعجاب الكثير من القراء وأصبحت تُعرف فيما بعد باسم "قانون باركنسون"، وفحوى هذا القانون هو أنّ الأفراد يستهلكون كل الوقت المتاح لتأدية مهمة معينة، حتى لو كانت هذه المهمة تتطلب وقتاً أقل بكثير.
وبصيغة أخرى، عندما يكون الوقت المتاح ضيقاً، يعمل الفرد بوتيرة أعلى ويركّز على الأمور المهمة ويحاول إنجازها بسرعة، وعندما يتوفر متسع كبير من الوقت لإنجاز عمل ما، فغالباً ما يقع الفرد فريسة للتسويف والتأجيل والاهتمام المبالغ بالتفاصيل الفرعية غير المهمة.
وضرب باركنسون في المقالة الساخرة مثالا بسيدة عجوز قد تقضي اليوم بأكمله في كتابة خطاب لابنة أختها، لأنها ليس لديها ما يشغلها طوال اليوم، وبنى باركنسون على هذا القانون مقالات عدة وكتابا وألقيت حوله محاضرات عامة حول العالم، لم يقصد باركنسون بالطبع السخرية من المسنات اللائي يكتبن الخطابات، بل كان يوجه انتقاده لأحد أوجه انعدام الكفاءة الذي تعكسه بيروقراطية الإدارات الحكومية البريطانية.
إذ لاحظ باركنسون أن عدد السفن في البحرية البريطانية انخفض في الفترة ما بين 1914 و1928، وترافق ذلك مع انخفاض في عدد العمال والضباط في البحرية الملكية، ورغم ذلك ظل عدد الموظفين الإداريين الذين يتمسكون بحرفية الإجراءات الروتينية يتضخم بنسبة تقارب ستة في المئة سنويا، وهذه الزيادة لا علاقة لها بحجم العمل.
فقد كانت الإدارة تتوسع، رغم انخفاض حجم العمل وتقلص عدد الموظفين المطلوب إدارة شؤونهم.
ينص قانون باركنسون Parkinson's law على أن العمل يتمدد ليشمل كل الوقت المتاح لإنجازه. مثلا: إذا تم منح موظف أو عامل أجل أسبوع كامل مثلا لتنفيد عمل معين يحتاج تنفيده مدة يوم واحد فقط ، على سبيل المثال ، فسيكون العمل ممططا بحيث سيستغرق هذا العامل نفس الأسبوع لإكمال هذا العمل. لأن هذا الأجل الفضفاض الممنوح يسبب المزيد من الـتأجيل والتسويف والتكاسل والتراخي حتى اللحظات الأخيرة وربما لن يكون العمل في الاخير بجودة جيدة.
أهمية قانون باركنسون
تكمن أهمية هذا القانون في تسليط الضوء على ضرورة تحديد فترة زمنية معينة مناسبة لكل مهمة حتى نتمكن من إنجازها في الوقت المحدد، ويؤدي هذا بدوره إلى تخفيض درجة تعقيد المهمة ذاتها، والنظر إليها بمنظور صحيح؛ كما يساعد هذا القانون في تحسين إنتاجية الفرد، إذ يقوم على تأدية المهام الرئيسية وفقاً للأولويات، فعلى سبيل المثال، بدلاً من قراءة كل ما يرد إليك عبر البريد الإلكتروني، يمكنك قراءة الرسائل المهمة فقط وحذف الباقي.
ويمكنك الاستفادة من قانون باركنسون عن طريق تحويل الأعمال المطلوبه منك إلى مهام صغيرة محددة، ثم تعيين وقت نهائي لكل مهمة قبل الوقت المحدد لها من مديرك/عميلك ثم الالتزام بهذا الوقت(مع مراعاة الأولوية في تنفيذ المهام) وبهذه الطريقة تضمن عدم تخصيص وقت أطول من اللازم لتنفيذ مهمة معينة. وتؤكد صحة ذلك دراسة أجراها دان أريلي (بروفيسور علم النفس بجامعة ديوك) حيث وضحت الدراسة أهمية وضع حد زمني لإنهاء العمل واثره الايجابي على زيادة الإنتاجية والتخلص من التسويف وكشفت الدراسة أن الطلاب الذين وضعوا لأنفسهم حد زمني نهائي للمهام، انجزوا بشكل أفضل من بقية زملائهم.
خصائص القانون
- يمكننا أن نكون مشغولين دون أن نكون في الواقع منتجين.
- وهذا يعني أن معظم ما كنت تفعله لا يضيف أي قيمة.
- كن دائماً على علم بأهمية ما تقوم به من مهام.
- قد تجد أن معظم المهام التي توليها اهتماما ليس لها أي تأثير على عملك.
- تعلم وضع خطة عمل خاصة بك وفقا لأولوياتك، بحيث يمكنك تعيين المزيد من الوقت لمهام هامة.
- تحتاج إلى تخصيص وقت لكل مهمة.
- يمكنك أن تبدأ من خلال وضع قائمة بالمهام وتحديد الوقت الذي سوف يستغرقه إكمال كل منها.
- بقدر الإمكان، حاول إنجاز المهمة في غضون نصف الوقت الذي خصصته له.
اتبع الخطوات التالية لتطبيقه:
- خطط لأنشطتك اليومية الخاصة بك في وقت مبكر .
- حدد الموعد النهائي لكل نشاط
- حاول المحافظة على اطر زمنية قصيرة لتحقيق انتاجية أفضل
- حاول العمل وفق الاطار الزمني المحدد لكل نشاط
- تخطى المهام غير الضرورية إذا شعرت انه من المحتمل تجاوز الموعد النهائي .
- لا تدع أي شخص يصرفك عن عملك.
قد يبدو قانون باركنسون كالسحر ، لكنه ينجح في الواقع لأن الناس يميلون إلى قضاء وقت أطول في فعل شيء أكثر مما يحتاجون إليه فعلاً ، وذلك لعدة أسباب. تشمل هذه الأسباب ما يلي:
- الكسل والاستماع
- البحث عن فكرة أفضل لإكمال العمل
- الرغبة في الكمالية الوهمية
- الخوف من المزيد من العمل
- الخوف من خفض الأرباح بسبب الانتهاء المبكر للعمل.
كيف تتغلب على قانون باركنسون في عملك
- قسم المهام إلى مهام أصغر
- تحديد وقت الانتهاء
- حدد لكل مهمة وقتها
- تحدى نفسك
- تحفيز نفسك
- حدد المهمة التالية
- استخدم قانون باركنسون لصالحك
تحسين الإنتاجية
من خلال قانون باركنسون، يمكن القول إنه كلما أعطيتم لأنفسكم المزيد من الوقت لإكمال عمل ما، كلما طالت مدة تأجيله، ومن أجل إدارة وقتكم بطريقة أكثر فعالية فإنه يتعيّن عليكم تقصير مقدار الوقت، فمثلاً إن كنتم بحاجة إلى إنجاز شيء ما في غضون عام فسوف يستغرق الأمر عاماً كاملاً للقيام بذلك، وإذا كان عليكم إتمام المهمة نفسها خلال شهر واحد، فسيتم تنفيذها ضمن المهلة المحددة.
في هذا الصدد، قدم موقع Develop Good Habits بعض النصائح لتحسين الإنتاجية في العمل:
- تقنية بومودورو:
تكمن الفكرة وراء هذه التقنية في تقسيم كل مهمة من مهامكم إلى كتلة زمنية مدتها 25 دقيقة، وبعدها أخذ استراحة لمدة 5 دقائق، وبعد الانتهاء من 4 جلسات مدتها 25 دقيقة، خذوا استراحة من 15 إلى 30 دقيقة.
تعتبر هذه الإستراتيجية فعالة لأنها تسمح للمرء بالتركيز على مهمة واحدة لمدة 25 دقيقة، بحيث يتم تجاهل جميع الأنشطة التي من شأنها تشتيت الانتباه.
- تتبع الوقت:
بهدف أن تكونوا أكثر إنتاجية، يجب عليكم أن تعرفوا بالضبط كيف تقضون كل ساعة ودقيقة من يومكم، وهكذا سوف يكون بوسعكم معرفة أن هناك الكثير من الوقت الذي يتم هدره في مهام غير ضرورية.
- أخذ فترات راحة متكررة:
لقد تبيّن أن 10% من الأشخاص الأكثر إنتاجية يأخذون استراحة لمدة 17 دقيقة بعد كل 52 دقيقة من العمل الجاد.
- وضع مهلة زمنية محددة:
من المهم وضع مهلة زمنية معينة قبل إنجاز عمل ما، كأن تخصصوا مثلاً 30 دقيقة للتحقق من البريد الإلكتروني أو مراجعة مسائل عالقة في العمل، هذا ومن المهم وضع فاصل زمني واضح بين حياتكم المهنية وحياتكم الشخصية.
طريقة ايفي لي للوصول لذروة الإنتاجية The Ivy Lee Method
كان تشارلز شواب أحد أغنى رجال العالم في 1918، يبحث عن أفضل السبل لإنجاز الأعمال وزيادة إنتاجية فريقه، رتب لقاءً مع مستشار الإنتاجية الأشهر في ذلك الحين أيفي لي. جلب شواب لي في مكتبه وقال: أرني طريقة لإنجاز المزيد من الأعمال. رد لي قائلًا: أعطني 15 دقيقة مع مدرائك التنفيذيين.
في عام 1918 وبعد تجربة لمدة ثلاثة أشهر دعي السيد أيفي لي إلى مكتب السيد شواب رئيس الشركة وكتب له شيكا بمبلغ 25,000 دولار. وكان ذلك في مقابل خمسة عشر دقيقة اجتماع مع المدراء التنفيذيين شرح فيها السيد أيفي لي طريقته البسيطة للوصول لذروة الإنتاجية والمتكونة من ست خطوات لتحقيق ستة مهام يوميا وهي كالتالي:
ما هي طريقة لي البسيطة للوصول لذروة الإنتاجية؟
- في نهاية كل يوم قم بكتابة ستة مهام تريد إنجازها في الغد،
- لا تقم بكتابة أكثر من ستة مهام.
- رتب هذه المهام حسب الأكثر أهمية.
- عندما تبدأ العمل في الغد ركز على المهمة الأولى فقط إلى أن تنهيها، بعد ذلك انتقل للمهمة التي تليها.
- أكمل إنجاز مهامك بنفس النمط، وفي نهاية اليوم قم بنقل أي مهمة لم تنجز إلى قائمة اليوم التالي.
- قم بتكرار هذه الطريقة كل يوم.
وبالنسبه لاختيار الاولويات بين المهام، فقد قال ايفي لي: أن من افضل الطرق لمعرفة الاولويات هو استخدام مصفوفة الاولويات (مصفوفة ايزنهاور).
وبعد تجربة لمدة ثلاثة أشهر، شعر شواب بالسرور تجاه التقدم الذي حققته الشركة لدرجة أنه دعا لي إلى مكتبه وكتب له شيكا بمبلغ 25,000 دولار في 1918 بما يعادل 400,000 دولار في عام 2015.
كيف يمكن لشيء بسيط كهذا أن يكون فعالًا جدًا؟
- تجبرك على اتخاذ قرارات صعبة:
لا يوجد شيءٌ خارقٌ للعادة في مهام لي الست، حيث من الممكن أن تكون خمسة مهام يوميًا. ومع ذلك أعتقد أن الخارق للعادة هو فرض القيود على نفسك. تعتبر طريقة لي مشابهة لاستراتيجية وارن بافت التي تتطلب منك التركيز على خمسة مهام فقط.
- تسهل لك بدء المهام:
العقبة الأولى في طريق إنجاز المهام هي بداية العمل. قد يكون صحيحا أن ترك الأريكة صعب ولكن حالما تبدأ بالركض سيكون من السهل عليك إنهاء التمرين وذلك يسري على جميع المهام.
- تتطلب منك العمل على مهمة واحدة فقط:
المجتمعات الحديثة تحب تعدد المهام وكأن الانشغال يأتي مرادفا للإنجاز ولكن العكس صحيح، كلما قل عدد أولوياتك كان ذلك سببا في تحسين جودة عملك.