عالم BANI وما وراء VUCA
عالم BANI وما وراء VUCA
د. عبد الرحمن الجاموس
اعتمد القادة والمخططون الاستراتيجيون لعقود على إطار VUCA (التقلب، عدم اليقين، التعقيد، الغموض) لوصف حالة عدم الاستقرار العالمي وتوجيه الاستجابات المؤسسية. لكن عالم ما بعد الجائحة كشف عن تصدعات أعمق. اليوم تعمل المؤسسات في عالم BANI: الهشاشة، القلق، اللاخطية، وعدم الفهم. هذا النموذج الجديد يعكس واقعاً تكون فيه الأنظمة هشة، والموظفون يعيشون تحت ضغط وقلق، والأحداث تتطور بشكل غير خطي، فيما تصبح القدرة على الفهم والتنبؤ أكثر صعوبة.
الأبعاد الأربعة لعالم BANI
- الهشاشة Brittle & Fragility: مؤسسات وسلاسل توريد وحتى حكومات قد تبدو مستقرة لكنها تنهار فجأة عند أول ضغط.
- القلق Anxious: موظفون وقادة يعيشون في خوف دائم من الخطأ أو التغيير، ما يقلل الإبداع ويضعف القدرة على التخطيط بعيد المدى.
- اللاخطية Nonlinear: أحداث صغيرة قد تخلق نتائج ضخمة وغير متوقعة، مما يربك النماذج التقليدية للسبب والنتيجة.
- عدم الفهم Incomprehensible: سرعة التغيير تَفوق قدرة المؤسسات على التحليل، فوفرة البيانات لا تعني بالضرورة وضوح الرؤية.
انعكاسات على المؤسسات
- الأولوية للصلابة: لم تعد الكفاءة وحدها تكفي، فالنظم المفرطة في التبسيط هشّة.
- الأمان النفسي: دعم الموظفين القلقين بالتواصل الواضح والموارد النفسية يقلل الاحتراق الوظيفي.
- التخطيط بالسيناريوهات: الاستعداد لعدة احتمالات أفضل من التعلق بتوقع واحد.
- التعلم المستمر: رفع كفاءة الموظفين في التعامل مع البيانات والتكيف مع المستجدات ضرورة حتمية.
استراتيجيات للقادة
- بناء سلاسل توريد مرنة تعتمد على تنويع المصادر.
- توفير برامج رفاه وظيفي للحد من القلق التنظيمي.
- تبنّي حوكمة مرنة للاستجابة السريعة للأحداث غير الخطية.
- تشجيع التعلم متعدد التخصصات والتدريب المستمر.
مثال عملي
كانت جائحة كوفيد-19 المثال الأوضح لعالم BANI: أنظمة صحية هشة، مجتمعات قلقة، انتشار لاخطي للفيروس، واستجابات حكومية غير مفهومة.
المؤسسات التي امتلكت خططاً بديلة واستثمرت في رفاه موظفيها تعاملت مع الأزمة بفاعلية أكبر.
إطار BANI ليس مجرد مصطلح جديد، بل جرس إنذار. القادة الناجحون هم من يحوّلون الهشاشة إلى صلابة، والقلق إلى وعي، واللاخطية إلى مرونة، وعدم الفهم إلى تعلّم مستمر.
المستقبل سيكون لمن يتقن فن التكيف مع هذا الواقع.