تأثير راشومون Rashomon Effect

تأثير راشومون Rashomon Effect

تأثير راشومون Rashomon Effect

تأثير راشومون مصطلح يستخدم في علم النفس لوصف ظاهرة اختلاف تصورات الأفراد للحدث نفسه، فلكل شخص وجهة نظر وشعور مختلفان تجاه الأحداث من حوله، لذا من الصعب معرفة حقيقة الموقف، خصوصاً إذا كانت رواية الشخص غير موثوق بها. ويحدث تأثير راشومون عند اختلاف تصورات الأفراد للمواقف والأحداث بالاعتماد على الأدلة المتناقضة لإبراز أي جزء من الحقيقة أو استبعاده بما في ذلك الضغط الاجتماعي لإنهاء مثل هذا الموقف أو الحدث.

معنى كلمة راشومون

راشومون هي بوابة وسط غابة في اليابان، وتشير إلى قصة يابانية كلاسيكية كتبها ريونوسوكي أكوتاغاوا Ryūnosuke Akutagawa في عشرينيات القرن العشرين، تستعرض الروايات المختلفة لأربعة شهود على جريمة قتل وقعت عند البوابة، حوّلها المخرج أكيرا كوروساوا (Akira Kurosawa) إلى فيلم في عام 1950، وحصد عدة جوائز، أولها جائزة مهرجان البندقية السينمائي لعام 1951.

يوضح الفيلم التناقض والصراع  بين حقيقة شخص ما وواقع آخر، وصعوبة التوصل إلى حقيقة الأحداث، وضرورة عدم التسرع في الحكم على المواقف، وهذا ينطبق على وسائل الإعلام عندما تقدم أخباراً من مصادر متعددة متضاربة، ومن هنا ظهر تأثير راشومون، الذي يعني عدم تصديق كل ما يُعرض من أحداث ومواقف وضرورة التحقق من مصدرين مستقلين على الأقل.

مفهوم تأثير راشومون

صاغ الصحفي الفرنسي جان روش (Jean Rouch) مصطلح تأثير راشومون لأول مرة في عام 1950، ويعني وجود شهود على حادثة أو جريمة، لكن لا يمكن لأحدهم تقديم تفسير كامل للموقف، لأن كل شخص ينقل ما حدث من وجهة نظره، في هذه القضايا يصبح من الصعب على القضاة والمحلفين تحديد المذنب. وعليه، ويشير تأثير راشومون أيضاً إلى وجهات نظر أو تفسيرات متضاربة لحدث ما بناءً على رواية شخص ما مقابل تذكر أو تصور شخص آخر له.

استخدم الكتاب والفلاسفة تأثير راشومون لعدة قرون بهدف استكشاف النفس البشرية، على سبيل المثال، حاولت رواية الصوت والغضب الشديد The Sound and The Fury للكاتب الأميركي ويليام فولكنر William Faulkner، معرفة كيف يرى الناس أنفسهم والآخرين من خلال تحيزاتهم الخاصة. وعليه، يؤكد تأثير راشومون أن الصراع أو التناقض سمة مشتركة بين البشر، ويعزى إلى الاختلاف في القيم، ويمكن الحد منه من خلال الاعتراف بتعددية الواقع، وتبني التعددية المعرفية، وإعطاء الأولوية لإدارة الموارد بطريقة شاملة.

يحدث تأثير راشومون عادة حين توفر شرطين:

الأول: لا يوجد دليل للتأكد مما حدث بالفعل.

الثاني: هناك حاجة ملحة للوصول للحقيقة.

التأثير في الأساس يحاول تقويض أو عدم الاعتراف بالحقيقة الفردية حيث يظهر الفوضى وتعقيد الحقيقة والذاكرة البشرية، أكتشف علماء الأعصاب أنه عندما نشكل ذكرى معينة يتأثر تفسيرنا للمعلومات المرئية من خلال تجاربنا السابقة والتحيزات الداخلية، هذه الظواهر النفسية مثل: (التنافر المعرفي، انحياز الفعل، السببية المضللة، تأثير الهالة) تعني أن تأثير راشومون يمكن أن يظهر في أي موقف في الحياة اليومية، في مثال مشهور زار عالما أنثروبولوجيا قرية مكسيكية حيث وصف الأول أن الحياة في القرية سعيدة ومرضية بينما الثاني أشار الي أن أهل القرية مصابون بجنون العظمة والسخط.

إن السؤال الأهم الذي يثيره تأثير راشومون هو: ماهي الحقيقية؟ وما الذي يمكن أن تخبرنا به اختلافات القصص؟ وكيف يمكن أن نتخذ قرارات جماعية؟

هنا يمكن طرح المثال رمزيا: في مكان ما يوجد فيل وخمس أشخاص مصابين بالعمى يقوم كل شخص منهم بتحسس جزء من الفيل، يمسك أحدهم الذيل فيقول أنه حبل والأخر القدم فيقول أنها جذع شجرة واخر الخرطوم ويقول أنه ثعبان وهاكذا، الأن لدى كل شخص منهم تصور مختلف عن الحقيقة لكن إذا جلسوا الخمسة وشاركوا قصصهم ربما يصلون إلى حقيقة الفيل.

 ماذا حدث في الفيلم - راشومون؟

تدور أحداث القصة في اليابان في القرن 11 في الأدغال خارج مدينة كيوتو،يواجه أحد اللصوص ساموراي وزوجته.لتنتهي الأحداث إلى أن اللص وزوجته يسيران بينما الساموراي مقتول! تناقش القصة سيناريوهات مختلفة لأفراد يقدمون تفسيرهم الخاص لما حدث: اللص، الزوجة، الشاهد، الزوج المقتول(عبر وسيط). وينتهي الفيلم، بدون إمكانية الخروج بتفسير موحد لما حدث، فقد ترك المخرج الأمر للجمهور وحيرته في إيجاد التفسير الصحيح.

 تأثير راشومون في المجتمع الوظيفي

في المجتمع الوظيفي غالباً في المجتمع الوظيفي غالباً ما نصادف تفسيرات مختلفة (وغالبًا ما تكون متضاربة) لحدث ما من قبل المشاركين في هذا الحدث، وتحدث المشكلة الأكبر عندما تتخذ الإدارة جانبًا واحدًا من منظور يستند إلى بيانات جزئية أو رأي شخصي، وعندها غالباً ما تنسحب باقي الأطراف لشعورها بالارتباك والإحباط.

فعادة، يجادل كل صاحب مصلحة في قضيته بحماسة مع اعتقاد أنه على صواب ويشعر بالإحباط الشديد من الاعتقاد بأن المدير قد يتبنى رواية شخص آخر بدلاً من روايته. علماً بأنه قد يكون كل منهم موضع ثقة، إلا أن دوافعهم تختلف. على الإدارة أن تعي ما يحدث وتتحلى بمهارة البحث عن المعلومات الواقعية وإدراك الدوافع التي يتم التعبير عنها أصحاب المصلحة الذين يعملون غالباً على مواءمة دوافعهم الشخصية مع مهماتهم. وإصدار الأحكام بناء على ذلك.

يساعد التأثير على معرفة الصورة الكاملة وتسخير تلك الأفكار للاستفادة منها في نجاح المهمة. عن طريق:

  • الاعتراف باختلاف دوافع الأفراد التي تحفزهم للعمل.
  • فهم الشخصيات المختلفة وتحديدها وفهم دوافعها.
  • إدارة الشخصيات والتواصل معهم حتى يفهم كل واحد منهم دوره بوضوح.