عصر رأس المال الفكري وإدارة المعرفة

عصر رأس المال الفكري وإدارة المعرفة

الدكتور عبد الرحمن الجاموس 

دكتوراه في إستراتيجيات الأعمال

ترجع بدايات المعرفة إلى بداية خلق الإنسان، فالله عز وجل خلق الإنسان على الفطرة ثم علمهُ وهداهُ، حيث يقول الله تعالى "خلقَ الإنسان علمهُ البيان"، كما نقل لنا التاريخ بعض أوجه الازدهار في الحضارات القديمة كالسومرية والبابلية والأشورية والفرعونية والصينية واليونانية وغيرها، الأمر الذي يدل على وجود التراكم المعرفي الذي مكّن الإنسان من تحقيق انجازات كبرى، لكن الطابع الغالب على المعرفة في العصور القديمة لم يخرج عن كـونه خبراتٍ ومهاراتٍ متوارثة، ومقترنة بالإلهام، كما أنه لم يحاول في تلك العصور التأطير للمعرفة المتراكمة بنظريات علمية، وبني هذا التراكم على الأساطيـر، الأمر الذي سمح لنا بتسمية المعرفة في تلك الحقـب بـ المعرفة الأسطورية.

ومنذ مئات السنين وخاصةً في القرون الوسطى كان انتقال المعرفة من المهني إلى التلميذ يتم عن طريق ما يسمى بوصفة العائلة وبذلك يتم اقتسامها وتنتقل من جيل إلى أخر، وعملية الانتقال هذه تتم ببطءٍ شديد.

أما الآن نجد أن الطرق الحديثة للإدارة فتحت الباب واسعاً لنقل المعرفة باستغلال التقنية مثل الانترنيت ووسائل الاتصال المختلفة ففي عصر النهضة في أوربا ظهر ما يطلق عليه بالمعرفة العلمية التي تستخدم أساليب فكرية وعقلية مختلفة، تختلف عن أساليب الفلسفة النظرية، وهنا أُخضعت المعرفة للتجربة والبرهان، وأصبحت المورد الأساسي لبناء القدرة التنافسية للعديد من المنظمات، أما في الفكر الإداري الحديث فهناك العديد من المدارس الفكرية والإدارية التي تناولت المعرفة من جوانبها المختلفة ومنها:

لقد أصبح هاجس منظمات الأعمال التجديد والابتكار، وأصبح العمل الأساسي للمديرين يتمثل بمدى مهارته على إدارة المعرفة والإدارة بالمعرفة Management by Knowledge التي تقود إلى تعزيز الابتكار والإبداع الذي يشكل عنصراً فاعلاً للتفوق على المنافسين، فالمعرفة هي الأكثر قدرة على إضافة قيمة للأشياء وبالتالي توليد المال، فالقرار السليم يتطلب المعرفة السليمة، فالمعرفة من أهم عوامل الإنتاج، وتحظى بأولوية خاصة وتشكل نوعاً جديداً من رأس المال القائم على الأفكار والخبرات، الذي يتطور ولا ينضب أبداً بالاستخدام، فالشركات التي تقوم على المعرفة هي القادرة على البقاء والاستمرار.

إذاً يمكن القول أن المعرفة هي عبارة عن ذلك المزيج من الخبرة، والتعلم التراكمي والمعلومات المنظّمة، والتي تم تحليلها لتصبح مفهومة وقابلة للتطبيق في موقف قراري محدد.